حضارة بابل

حضارة بابل

كتب المقال بواسطة: خلدون عياصره  أخر تحديث على المقال: 00:00:00, 19 أغسطس 2020



المحتويات


 

موقع مدينة بابل

تأسست مدينة بابل - التي تقع أطلالها في العراق الحالي على بعد حوالي 50 ميلاً جنوب بغداد منذ أكثر من 4000 عام حوالي عام 2300 قبل الميلاد - من قبل الشعب الناطق باللغة الأكادية القديمة كمدينة ميناء صغيرة على نهر الفرات، ثم نمت لتصبح قوة عسكرية كبرى وواحدة من أكبر مدن العالم القديم تحت حكم حمورابي، وبعد عدة قرون أنشأ الملوك الذين حكموا المنطقة إمبراطورية بابلية جديدة امتدت من الخليج الفارسي إلى البحر الأبيض المتوسط، وخلال هذه الفترة أصبحت بابل مدينة جميلة ذات مبانٍ فخمة، ويُشار إلى أن الأدلة الكتابية والأثرية ذكرت أن الآلآف من اليهود نُفوا إلى بابل في هذا الوقت.


في عهد الملك العموري حمورابي - الذي حكم من 1792 إلى 1750 قبل الميلاد وبعد أن غزا دول المدن المجاورة - وضع الكثير من مناطق جنوب ووسط بلاد ما بين النهرين تحت الحكم البابلي الموحد وخلق إمبراطورية تسمى بابل، وقد حوّل حمورابي بابل إلى مدينة غنية وقوية ومؤثرة، وابتكر واحدة من الأكواد القانونية المكتوبة هي الأقدم والأكمل في العالم والمعروفة باسم قانون حمورابي، وقد ساعد إمبراطورية بابل على تجاوز مدن أخرى في المنطقة ومع ذلك لم يدم هذا النمو طويلًا، فقد انهارت الإمبراطورية بعد وفاة حمورابي وعادت مملكة صغيرة لعدة قرون.[1]



مساهمات الحضرة البابلية

من خلال التالي من الممكن الاطلاع على أبرز مساهات الحضارة البابلية، وهي:[2]


- فن الكتابة والتعليم: مثل السومريين، استخدم شعب بابل الكتابة المسمارية، وقد استخدموا أكثر من 350 علامة في كتاباتهم، وكانوا يكتبون على أقراص طينية ناعمة بقلم مصنوع من العظام والخيزران، وفي عهد حمورابي - إمبراطور بابل الشهير - انتشر التعليم في أركان تلك الأرض، وأسس العديد من المدارس للطلاب، وكان تركيز الأولاد البابليون على الكتابة والقراءة والرياضيات، أما الفتيات فقد توجهن إلى الأغاني والرقص، ومما يدلل على حب البابليين للتعليم هو العثور على جملة ملهمة في أنقاض بابل مكتوبة على جدار المدرسة وهي "من يتفوق في الكتابة اللوحية يلمع كالشمس".

- المؤلفات: أدب بابل كان غنيًا جدًا، وقد كتب البابليون حوالي 2000 كتاب، وألّفوا كتبًا عن الدين والعلوم والرياضيات والتنجيم.

- العلم: برع البابليون أيضًا في مجال العلوم، حيث تتبع الكهنة الشمس والقمر والنجوم بعناية فائقة وكانوا يتوقعون المستقبل، ومثل السومريين اعتمد البابليون أيضًا على التقويم القمري، فقد قسموا السنة الواحدة إلى 12 شهرًا، وقسموا كل شهر إلى 30 يومًا، وكانوا يعتمدون على الشمس والساعة المائية لمعرفة الوقت، وكانوا يعرفون أيضًا استخدام الأرقام من 1 إلى 9، وكذلك كان البابليون على معرفة ودراية في الجغرافيا وعلوم الحياة والتنجيم، وكل ما سبق يثبت حب البابليين للعلم.

- الفن والعمارة: كان الملوك البابليون بناة مشهورين، فقد بنوا قصور كبيرة، ووضعوا التماثيل العملاقة للثيران التي لها رؤوس رجال بالقرب من بوابة مدخل القصر، وقد شهدت الزقورات العظيمة التي بناها حمورابي تكريما لـ "مردوخ" وصوامع الحبوب الكبيرة للحفاظ على الحبوب لمدة طويلة على المهارات المعمارية للبابليين، بينما تُظهر التماثيل التي على شكل بشر وطيور وحيوانات مهارتهم في مجال الفن، وقد اكتشفت أنواع مختلفة من الأختام عن طريق التنقيب التي توضح المهارات الفنية لدى البابليين.

- الإدارة: كان البابليون مشهورين في مجال الإدارة، فإلى جانب مدونة حمورابي تمت كتابة القوانين أيضًا على ألواح الصلصال، وكذلك عُثر على الأوامر الملكية المكتوبة على 55 قطعة طينية من أماكن مختلفة في بابل، حيث كان حمورابي يرسل الرسائل إلى المسؤولين من خلال هذه القطع لتنظيم أمور الإدارة، ومما لا شك فيه أن الإدارة البابلية كانت موجهة لرفاهية الشعب.

- الزراعة والتجارة: كان البابليون من المزارعين المهرة ومن التجار الموهوبين، حيث كانوا ينتجون مجموعة متنوعة من المحاصيل، ولهذا عمدوا على حفر القنوات وبنوا مساقٍ لحقول الذرة، وفي عهد حمورابي حفرت قناة كبيرة من مدينة كيش إلى الخليج الفارسي هيرودوت، وفيما يتعلق بالأمور التجارية قام البابليون بتصدير التمر، وحبوب الطعام، والنفط، والمصنوعات الجلدية، وأواني الطين وغيرها الكثير إلى العالم الخارجي، واستوردوا الذهب، والفضة، والنحاس، والحجر، والخشب والملح، وقد ساعد قانون حمورابي في بناء مجتمع صحي، وهنا يتضح أن بابل كانت دولة مزهرة من بين الدول القديمة، وفي الواقع كانت مساهمات البابليين في الحضارة الإنسانية كبيرة جدًا، وإلى جانب هذا كانت مساهمات البابليين في مجال الفن، والهندسة المعمارية، والعلوم، والتجارة جديرة بالملاحظة.



معلومات مهمة حول بابل

فيما يلي بعض المعلومات المثيرة للاهتمام حول بابل:[3]


- تعد بابل أكبر مدينة في العالم خلال الفترة من 1770 إلى 1670 قبل الميلاد، ففي سنواتها الأولى وصل عدد سكان بابل إلى أكثر من 200000 نسمة، وقدرت مساحتها بما يزيد عن 900 هكتار (2200 فدان) من الأراضي، ومع الأسف لم تعد بابل مثيرة للإعجاب في الوقت الحاضر، حيث تحولت المدينة إلى مجرد أنقاض، ولكن بقايا بابل لا تزال تشمل حوالي 85 كيلو مترًا من الأراضي جنوب بغداد، حيث يمكن للزوار الاطلاع على مجموعة من الهياكل الطينية المحطمة وغيرها من بقايا المعالم البابلية.

- حاول الرئيس العراقي صدام حسين إعادة بناء أجزاء من بابل ابتداءً من عام 1983، حيث كان لدى الرئيس رؤية لإعادة تأسيس أبرز أجزاء المدينة والتي كانت بالنسبة له رمزًا للقوة والمهارة العربية، ولفعل ذلك جمع الرئيس العراقي الأموال لإعادة بناء ليس فقط بابل نفسها ولكن أيضًا الآثار القديمة القريبة من المدن مثل نينوى، ونمرود، وآشور، ولكن عملية الترميم توقفت بسبب الغزو الأمريكي للعراق والذي بدأ في عام 2003.

- اسم مدينة "بابل" موضع خلاف كبير بين العلماء، حيث يقول البعض أن هذا الاسم مأخوذ بصورة حرفية من "Babili" الأكادية، وبحلول الألفية الأولى قبل الميلاد أشار البعض إلى أن مصطلح "باب إيل"، أي "بوابة الله" هو السبب وراء تسمية "بابل" كما يظهر ذلك في الكتاب المقدس المسيحي، ويشير العديد من اللغويين أيضًا إلى ربط كلمة "بابل" بالكلمة العبرية "balal".

- كان حمورابي (1792-1750 قبل الميلاد) هو سادس ملوك الأسرة البابلية الأولى وأول قائد قوي بحق لبابل، فعندما تنحى والده "سين موبيليت" عن الحكم بسبب سوء الحالة الصحية، صعد حمورابي العرش وبدأ في عام 1792 قبل الميلاد حكم المدينة وكان يبحث عن طريقة لتقوية الهيكل الاجتماعي الداخلي للمدينة، وقد فعل ذلك من خلال إدخال قوانين جديدة تسمى قانون حمورابي وهي عبارة عن مجموعة من القوانين التي تتناول كل شيء من الجرائم البسيطة إلى الجرائم الكبرى، ومن أفضل وأشهر القواعد التي وضعها حمورابي مبدأ "العين بالعين والسن بالسن".



سقوط بابل

يعد سقوط بابل حدثًا تاريخيًا وقع في 539 قبل الميلاد، وشهد هذا الحدث غزو بابل من قبل الإمبراطورية الأخمينية وانتهى بنهاية الإمبراطورية البابلية الجديدة، وقد تم الإبلاغ عن سقوط بابل بواسطة عدد من المصادر القديمة بما في ذلك "Cyrus Cylinder"، والمؤرخ اليوناني "Herodotus" بالإضافة إلى عدد من الكتب في العهد القديم.


كان الملوك الذين خلفوا نبوخذ نصر الثاني أقل قدرة منه وكان لهم عهد قصير، ففي العقد الذي تلا وفاة نبوخذ نصر الثاني كان للإمبراطورية البابلية الجديدة أربعة حكام مختلفين، وكان آخرهم نابونيدوس الذي حكم من عام 556 قبل الميلاد والذي استمرت مدة حكمة ما مجموعه 17 عامًا وتميزت فترة حكمه باستعادته للتقاليد المعمارية والثقافية القديمة في المنطقة، وهذا ما أكسبه لقب "ملك الآثار" بين المؤرخين المعاصرين في العصر الحديث، ومع ذلك لم يحظ نابونيدوس بشعبية مع رعاياه وخاصة كهنة مردوخ وذلك بسبب قمع عبادة مردوخ "إله بابل" لصالح "إله القمر سين"، وفي الوقت الذي كانت فيه بابل تعج بالخلافات كان الفرس ينموون في السلطة تحت قيادة سايروس الكبير، ولذلك غزا الفرس مدينة بابل وتمكنوا من الاستيلاء عليها في عام 539 قبل الميلاد.


على الرغم من تسجيل الأحدث الهامة من قبل عدد من المؤرخين القدماء لسقوط بابل إلا أنه من الصعب إعادة بناء الأحداث الفعلية التي وقعت، حيث يذكر المؤلفان اليونانيان هيرودوت وزينوفون أن بابل سقطت بعد الحصار، ومن ناحية أخرى تزعم سجلات قورش ونورونيدوس كرونيكل أن الفرس قد سيطروا على بابل دون قتال.[4]




  

المراجع

[1]: history

[2]: historydiscussion

[3]: prizesfinder97

[4]: ancient-origins



عدد المشاهدات 2148


Top

Top