التعريف بالحضارة الرومانية
تأسست روما بحسب ما جاء في الأساطير في عام 753 قبل الميلاد من قبل رومولوس الذي كان أول ملك لها، وفي عام 509 قبل الميلاد أصبحت روما جمهورية تتألف من مجلس الشيوخ (ملاك الأراضي الأثرياء والشيوخ) والشعب الروماني، وخلال الـ 450 سنة اللآحقة غزت روما بقية إيطاليا ثم توسعت إلى فرنسا، وإسبانيا، وتركيا، وشمال إفريقيا واليونان.
أصبحت روما متأثرة جدًا باليونان أو "الهيلينية" المليئة بالعمارة اليونانية، والأدب، والتماثيل، واللوحات الجدارية، والفسيفساء، والفخار والزجاج، ولكنْ جاء مع الثقافة اليونانية الذهب اليوناني الذي تسبب بمعركة بين الجنرالات وأعضاء مجلس الشيوخ، ففي 31 قبل الميلاد وقعت معركة تمكن فيها أوكتافيان - ابن يوليوس قيصر - من هزيمة كليوباترا ومارك أنتوني في أكتيوم وبهذا انتهت الحرب الأهلية الأخيرة للجمهورية وبدأت الإمبراطورية الرومانية، وعلى الرغم من أن الكثيرين كانوا يأملون في استعادة الجمهورية إلا أنه سرعان ما تشكل نظام سياسي جديد حيث أصبح الإمبراطور محور الإمبراطورية وشعبها، ويُشار إلى أن أغسطس - إمبراطور روما والذي حكم بموافقة مجلس الشيوخ - كان في الواقع السلطة العليا للإمبراطورية، وكإمبراطور كان بإمكانه تمرير سلطاته إلى الوريث وكان ملكًا في كل شيء.
تمتعت الإمبراطورية الرومانية برخاء لا مثيل له مع ازدهار شبكة المدن وتحركت البضائع والأشخاص والأفكار بحرية عن طريق البر والبحر، وظهرت العديد من الروائع المرتبطة بالفن الروماني مثل الفسيفساء، واللوحات الجدارية في بومبي، وأدوات المائدة الذهبية والفضية، بالإضافة إلى الزجاج بما في ذلك زهرية بورتلاند وبشرت الإمبراطورية بثورة اقتصادية واجتماعية غيرت وجه العالم الروماني، ويُذكر أن الأباطرة المتعاقبون، مثل تيبيريوس وكلوديوس، عمدوا على توسيع أراضي روما، وبحلول عهد الإمبراطور تراجان في أواخر القرن الأول الميلادي كانت الإمبراطورية الرومانية - التي يبلغ عدد سكانها حوالي خمسين مليون نسمة - تشمل البحر الأبيض المتوسط بأكمله، وبريطانيا ومعظم شمال ووسط أوروبا والشرق الأدنى.[1]
السلالات المبكرة التي حكمت روما
بعد معركة أكتيوم في 31 قبل الميلاد أصبح جايوس أوكتافيان ثورينوس - ابن شقيق ووليوس يوليوس قيصر - أول إمبراطور لروما وأخذ اسم أغسطس قيصر، وعلى الرغم من أن يوليوس قيصر غالبًا ما يُنظر إليه على أنه أول إمبراطور لروما إلا أنه لم يكن يحمل لقب "الإمبراطور" بل كان يُسمى "ديكتاتور" وهو لقب مُنح له من قبل مجلس الشيوخ حيث كان يحتل السلطة العسكرية والسياسية العليا في ذلك الوقت، وفي المقابل منح مجلس الشيوخ أوغسطس لقب الإمبراطور تكريمًا له لأنه هزم أعداء روما وجلب الاستقرار لها.
حكم أغسطس الإمبراطورية من عام 31 قبل الميلاد حتى عام 14 ميلادي عندما مات، وفي ذلك الوقت وكما قال عن نفسه أنه "وجد روما مدينة من الطين لكنه تركها مدينة من الرخام"، ويُشار أن أغسطس قام بإصلاح قوانين المدينة من أجل تأمين حدود الإمبراطورية، وبدأت مشاريع بناء واسعة في عهده والتي نفذ الجزء الأكبر منها القائد العسكري والسياسي الروماني أغريبا خلال الفترة من 63 إلى 12 قبل الميلاد، وأصبحت الإمبراطورية الرومانية واحدة من أعظم - إن لم يكن أعظم - القوى السياسية والثقافية في التاريخ.
بعد وفاة أغسطس انتقلت السلطة إلى وريثه تيبيريوس الذي حكم خلال الفترة من 14 إلى 37 ميلادي، وقد واصل العديد من سياسات الإمبراطور لكنه افتقر إلى قوة الشخصية والرؤية التي تميّز بها أغسطس، واستمر هذا التوجه بصورة أو بأخرى مع الأباطرة اللآحقين: كاليجولا (37-41 م)، وكلوديوس (41-54 م)، ونيرو (54-68 م) الذين عُرفوا باسم سلالة جوليو كلوديان انتسابًا لاسم العائلة التي ينحدرون منهما - إما بالولادة أو من خلال التبني - يوليوس وكلوديوس، ويُذكر عن كاليجولا أنه كان سيئ السمعة بسبب فساده الكبير بالرغم من أن حكمه المبكر كان يستحق الثناء كما كان خليفته كلوديوس الذي وسع قوة روما وأراضيها في بريطانيا، ويُشار إلى أن حكم كاليجولا وكلوديوس انتهى بالاغتيال، حيث قُتل كاليجولا من قبل حارسه الإمبراطوري أما كلوديوس فاغتيل من قبل زوجته، وانتهت سلالة جوليو كلوديان بانتحار نيرو وبدأت فترة الاضطرابات الاجتماعية المعروفة باسم عام الأباطرة الأربعة.
بعد انتحار نيرو عام 68 ميلادي تولى الإمبراطور غالبا الحكم ولكنه لم يكن على قدر المسؤولية واغتيل على يد الحرس الإمبراطوري وهنا بدأت الخلافات على الحكم بين أوتو وفيتليوس وبدأت الحرب الأهلية القصيرة التي انتهت بانتحار أوتو وصعود فيتليوس على العرش الذي لم يتمكن هو الآخر من إثبات نفسه كحاكم وانتهى أمره بالقتل على يد رجال فيسباسيان الذي أصبح إمبراطور روما الجديد.
أسس فيسباسيان سلالة فلافيان وقد تميز عهده بمشاريع بناء ضخمة وازدهار اقتصادي وتوسيع للإمبراطورية وكان حكمه مزدهرًا كما يتضح من خلال بناء المسرح الروماني الشهير، ويُشار أن حكم فيسباسيان استمر لمدة سنة واحدة وبعدها تولى ابنه تيتوس حكم الإمبراطورية، وفي عهده حصلت العديد من الكوارث تمثلت بثوران بركان جبل فيزوف عام 79 ميلادي مما تسبب بدفن مدينتي بومبي وهيركولانيوم، بالإضافة إلى حريق روما الكبير عام 80 ميلادي، وانتهى حكم تيتوس بموته بسبب الحمى عام 81 ميلادي كي يخلفه شقيقه دوميتيان الذي عمد على توسيع وتأمين حدود روما، وإصلاح الأضرار التي لحقت بالمدينة بسبب الحريق الكبير، وواصل مشاريع البناء التي بدأها شقيقه وسعى إلى تحسين اقتصاد الإمبراطورية ومع ذلك لم يحظ بشعبية كبيرة لدى مجلس الشيوخ الروماني بسبب أساليبه وسياساته الاستبدادية وتم اغتياله عام 96 ميلادي.[2]
صعود الإمبراطورية الرومانية
تمكنت روما، على عكس نظيرتها اليونانية، من إخضاع دول المدن المنافسة لها بحلول أواخر القرن الرابع قبل الميلاد ووحدتها تحت راية واحدة، وقد تبنت روما سياسة جذرية من أجل توسيع إمبراطوريتها وضعتها في نهاية المطاف على خلاف مع الحضارات الأخرى في شبه جزيرة أبنين مثل الأتروسين والسامنيت والقبائل الجبلية الصغيرة الأخرى، ولم يكن السبب واضحًا وراء عدم قيام روما بمحاولات التعايش السلمي مع جيرانها أو لماذا قبل المزارعون الفقراء سياسة الخدمة العسكرية الإجبارية التي يمليها مجلس الشيوخ الأرستقراطي.
يتكهن بعض الخبراء بأن العدوان الروماني نشأ ببساطة من خلال طموح السياسيين البارزين في الجمهورية لتضخيم منطقة النفوذ الروماني من خلال الغزو بينما يقول البعض الآخر أن الاقتتال الداخلي المستمر بين الشعب اللاتيني قد حفز موقفًا من عدم الثقة في أذهان الشعب الروماني بحيث يمكن اعتبار أي حضارة مجاورة تهديدًا محتملاً لسلامة الأراضي الرومانية، وبغض النظر عن مصدر هذه السياسة التوسعية ألقى الرومان أنفسهم في سلسلة من الحروب - مع جيرانهم الأتروريين والسامانيين - الممتدة من أواخر القرن الرابع إلى أوائل القرن الثالث قبل الميلاد.[3]
الحكومة والمواطنة في روما
كانت العناصر الأساسية للحكم في روما الأرستقراطية تتألف من مجلس الشيوخ والمجالس الشعبية، وكانت قوة أغسطس واضحة في الهيكل الحكومي الجديد لإمبراطورية روما، فقد ادّعى أغسطس أن له الحق في الموافقة على أي قرار لمجلس الشيوخ أو رفضه بمفرده، وأكد وأنصاره الأقوياء أن الفائزين في الانتخابات الشعبية كانوا داعمين للإمبراطور والسياسات الإمبريالية، ولذلك بدأت المشاركة الانتخابية في الانخفاض بصورة كبيرة وفي النهاية انتهت بالكامل.
في فترة أوغسطين كان الهرم السكاني يشمل ثلاث فئات مثّل فيه أعضاء مجلس الشيوخ الأرستقراطي رأس الهرم، ثم الفرسان الرومان المولودون من نسب معروف بيما شكل عوام الشعب الطبقة الدنيا، وقد تبنى أغسطس سياسة الحاجة إلى "الخبز" لتحويل انتباه الجماهير الشعبية خوفًا من فقدان نفوذه السياسي.[4]